2019 Jun 02

التفاوت في توزيع الثروات والدخول أبرز تحديات الاقتصاد السوري بعد الحرب

الساعة 25 - رأي وتحليل:

التفاوت الصارخ في توزيع الثروات والدخول هو التحدي الأخطر الذي يواجه الاقتصاد والمجتمع السوري حالياً في مرحلة ما بعد الحرب، هذا ما عبرّ عنه أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور رسلان خضور في دراسة له نشرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات منذ أيام، بعنوان "مشكلة توزيع الثروات والدخول: تحدٍّ يواجه الاقتصاد السوري".

وبين خضور أن التفاوت الكبير في التوزيع وعدم الإنصاف يعدُّ واحداً من أهم الأسباب التي تجعل المواطنين أقل ثقة ببعضهم بعضاً، وأقل ثقة بالحكومة، وواحداً من معيقات النمو الاقتصادي، وإحدى قنوات إعادة بناء الثقة هي الإنصاف في التوزيع، منوهاً بأن الحرب والحصار والإجراءات القسرية أحادية الجانب أدت إلى تزايد نسبة الفقر وتراجع حجم الطبقة الوسطى في سورية، لكن ليست الحرب وحدها السبب في ذلك؛ بل يكمن السبب في التوزيع، وفي كيفية استخدام ما هو متاح من موارد.

بحسب دراسة خضور، يترتب على زيادة حدّة التفاوت في التوزيع مجموعة من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، منها أن استمرار التفاوت الحاد في التوزيع يشكل خطراً، ليس فقط على استقرار الاقتصاد الكلي، بل على النمو الاقتصادي، كما لا يؤدي النمو الاقتصادي المرتفع بالضرورة أو بشكل تلقائي إلى نتائج أفضل في التوزيع.

ورأى خضور أن هناك مجموعة من الإجراءات والسياسات على المستوى القصير، وعلى المستويين المتوسط والطويل يمكن أن تسهم في تخفيف حدة التفاوت في التوزيع، منها الإنصاف في إتاحة الفرص، عبر مجموعة إجراءات تتعلق بتحسين سبل العيش للشرائح الهشة والضعيفة اقتصادياً في المجتمع؛ ذلك بتعزيز الفرص الاقتصادية، ومساعدة الناس على خلق فرص العمل المباشرة، والمزيد من الإنصاف والمساواة في الحصول على الخدمات العامة.
هذا، ومن مهام السياسة العامة للدولة، ومن مهام الحكومة وواجباتها تأمين الفرص وسبل العيش للفئات المحرومة، وليس بالضرورة أن تقوم الحكومة بخلق فرص العمل بشكل مباشر، بل عن طريق برامج التمكين الاقتصاديّ للفئات المهمشة والفقيرة، وبوساطة مساعدة الناس على خلق فرص عملهم، وتحفيزهم وتشجيعهم على العمل لحسابهم الخاص وإنشاء مشاريعهم الخاصة، وبوضع برامج التدريب والتأهيل على مهارات الأعمال، وبرامج التمويل الاجتماعي، والمساعدة في التمويل للمشاريع الصغيرة و المتناهية الصغر، وتوسيع إمكانيات الحصول على التمويل بشكل منصف.

في إجراءات الأمد القصير، اقترح خضور رفع الحد الأدنى للرواتب وللأجور، بحيث لا يقل عن 40 بالمئة من متوسط الأجور في كل القطاعات، وجعل التعويضات المختلفة للعاملين على أساس الراتب الحالي، ورفع الحد الأدنى من الراتب المعفى من ضريبة الرواتب والأجور ليصبح 30 ألفاً، بالإضافة إلى رفع التعويض العائلي عن الأطفال ليصل عشرة أضعاف التعويض الحالي.

وأكد على أنَّ رفاهية المجتمع السوري تتوقف على مستوى دخول العاملين بأجر في المقام الأول، كون العاملين بأجر يشكلون الغالبية العظمى من أفراد المجتمع السوري 67 بالمئة، وبالتالي فإن تنمية هذه الدخول يُفترض أن يكون الإسهام الجوهريّ للسياسات الاقتصادية في السنوات القادمة.

الوطن