2021 Nov 27

الفساد يجبر وزارة العدل على إرسال بعثات تفتيشية من خارج المحافظة !!

الساعة 25: طلال ماضي

من يستمع إلى تصريحات مدير إدارة التفتيش القضائي في وزارة العدل حول صدور قرار بإرسال بعثات تفتيشية من خارج كل محافظة بهدف الحيادية في عمل التفتيش، والبعد عن المحاباة لأي قاض في أثناء عملية التفتيش، يقف ويسأل السؤال التالي: لو كان عمل القضاء ولجان التفتيش نزيها هل سترسل الوزارة بعثات من خارج المحافظات، وتتكفل في إقامتهم ومصاريف سفرهم، وصرف المهمات الإضافية لهم، طبعاً الإجراء صحيح ولا غبار عليه ، لكن سبب اتخاذه وفي خمس محافظات تحديداً يعكس حجم الفساد و الكوارث في القضاء، والأخطاء وحجم ملفات التفتيش التي تقدم ومخاصمة القضاة وغيرها .

وما يؤكد التحليل السابق هو حديث مدير إدارة التفتيش نفسه بالقول إنه تم رفع عدد من المقترحات لإحالة قضاة إلى مجلس القضاء الأعلى من دون أن يذكر عددهم أو سبب إحالتهم، وهذا يدل على أنه بالرغم من ترهل التفتيش ضمن المحافظة الواحدة والمحاباة إلا أن هناك قصص لا يمكن لفلفتها، وهناك قضاة تم تقديمهم إلى مجلس القضاء الأعلى ومنهم من تم محاسبته، وهذا جاء بعد كف يد 4 قضاة خلال هذا العام .

وبالرغم من التعاميم المتكررة حول إنهاء الدعاوى القديمة والإسراع في عملية التقاض، إلا أن هناك دعاوى يتم تدويرها مع مطلع كل عام برقم جديد دون أن تنتهي، وهناك دعاوى مفتوحة منذ أكثر من 17 عاماً، وتحولت إلى التفتيش ومن ثم تعود للنوم، وهناك دعاوى يتنحى عنها أكثر من قاضي بحجة أن صراع القوى فيها كبير جداً ولا يمكن النظر إليها، وهناك قضاة يبتسم الحظ لهم، وقضاة تعمل 17 ساعة في اليوم وعلى ضوء الليدات وتزاحم على الفرن للفوز بربطة خبز، وعلى السرفيس للفوز بمقعد بوضعية القرفصاء، وترفض أن تحكم إلا بالعدل، ويرفع لها القبعة على نزاهتها، وهناك البعض منهم يسهر كل يوم في فنادق ذات النجوم المتعددة، فحال القضاة من حال مؤسسات البلد، الشرفاء اليوم في حالة من الفقر والجوع والتعتير، ومن يلعب بميزان العدالة يتنعم برفاهية نجوم الفنادق والمسابح.

في ديوان إدارة التفتيش القضائي بدمشق هناك مئات الطلبات سنوياً تطلب تحويل قضيتها وملفها إلى التفتيش، وهناك ألاف حالات الظلم المرتكبة ومثلهم قرارات قضائية مرتكبة الدرجة القطعية للتنفيذ ولا تنفذ، وملفات مؤجلة وتدور في فلك التبرير والتدوير، وهنا يأتي دور التفتيش القضائي ليضع سيفه بجانب الميزان وينذر القضاة ومن يضغط عليهم إن القانون فوق الجميع، وميزان العدالة مقدس وغير مسموح العبث به ولو بمثقال ذرة .

والسؤال اليوم,  بعد إرسال هذه البعثات التفتيشية إلى المحافظات، ووضع يدها على الملفات التي حولها علامات استفهام، ماذا سيكون موقف إدارة التفتيش؟، هل ستعلمنا بعدد القضاة الذين تم كف يدهم، أو اتخاذ إجراءات بحقهم؟ ، وماذا عن المظاليم الذين ضاعت حقوقهم؟، أسئلة كثيرة ننتظر بفارغ الصبر الإجابات عنها، بعد أسابيع من انطلاق عمل البعثات التفتيشية من خارج المحافظات.

خاص