2022 Jan 13

قرية الصورة الكبيرة أو "ساوارا" ..سكنت منذ عهود الآراميين والعرب الأنباط

الساعة 25:سهيل حاطوم

 تعتبر الصورة الكبيرة أول قرية في جبل العرب يمر بها الزائر القادم من دمشق، وهي تقع تقريباً في منتصف المسافة بين العاصمة دمشق شمالاً ومدينة السويداء جنوبا ، وترتفع عن سطح البحر بنحو 675 متراً.

القرية التي تقع على الحافة الشرقية لأرض اللجاة البركانية يقطنها الأهالي من مختلف الطوائف ويتقاسمون العيش ضمن لوحة فسيفسائية قل نظيرها ، و لا يشعر الزائر بأنه غريب بينهم.

أما أصل تسميتها من الناحية اللغوية فهي من "الصور" وهو القرن الذي ينفخ فيه أي البوق،والصور من صيران وهي صفحة العنق والرائحة الطيبة والقليل من المسك، وأصوار هي النخل الصغير أو شط النهر، والصارة هي أعلى الجبل، وفي المراجع اليونانية فإن تسميتها "ساوارا " أو " ساوروس" وهي نوع من أنواع الزواحف التي كانت في تلك المنطقة من اللجاة أو نوع من الأسماك أو المدافىء القديمة.

وقد سكنت الصورة خلال مراحل تاريخية متتابعة منذ عهود الآراميين والعرب الأنباط مرورا بالعصور اليونانية والرومانية والغسانية البيزنطية وحتى العصر العربي الإسلامي، وذكرها الباحث الأثري "بركهارت "في كتابه بين عامي 1810 و1812 بقوله " بعد ساعة ونصف مررنا بالسوارة - الصورة وهي قرية تحتوي على خرائب على يميننا، وسرنا في السهل الخصيب الذي يحاذي وعر اللجاة وعلى يميننا كانت حزم ".

أما عن آثار البلدة، فيقول الباحث الدكتور علي أبو عساف.." الصورة الكبيرة كانت قرية قديمة سكنتها عشيرة تدعى "السوارات" والتي ورد أسماء بعض أفرادها ضمن النقوش الكتابية اليونانية، ولاتزال آثار مساكنها القديمة وأماكن العبادة المسيحية فيها ماثلة حتى اليوم، وإن تلك العشيرة كانت قد سكنت قرية الصورة الصغيرة الموجودة على ذات المسار الجغرافي للصورة الكبيرة".

كما ذكرها الباحث الفرنسي "ج.ماسكال" في عام 1944 حين قال" في الشمال في الصورة الكبيرة هناك ساكف "حنت" جميل جدا طوله متران يعلو باباً من البازلت "حلس" بمصراعين وكل مصراع بارتفاع 2،28 متر وبعرض 86 سم، ومزين بنقش الصليب وعليه نقش "الطغراء "شعار السيد المسيح أو ما يسمى بالفرنسية "مونوغرام " وكتابة يونانية مسيحية ترجمتها "يا يسوع المسيح ساعدنا " ، وفوق هذه الكتابة نقش لصليب ورمز للسيد المسيح /السمكة باليونانية آخيتس/"، وقيل إن هذا النقش قد نقل إلى مطرانية "خبب" منذ زمن قديم.

ويعتبر باب الحلس المذكور آنفاً من حيث الأبعاد أحد الأبواب البازلتية الضخمة في سورية، وكانت قديماًً من حيث التقسيم الكنسي تابعة لمنطقة اللجاة ،ولعل اسمها القديم كان "سافارا" ،وتدل كتاباتها اليونانية على وجود جماعة مسيحية مؤمنة منذ العصر البيزنطي في بدايات القرن الرابع الميلادي، حيث بني في الصورة الكبيرة في العصر البيزنطي كنيستان، وهناك طريق روماني يشق البلدة القديمة ومرصوف بحجارة البازلت كان يصل حتى السويداء ماراً بعدة قرى.