2018 Nov 14

قرية "عرى" قصة التاريخ في جسد الحاضر

الساعة25- ندى بكري:

13 كم جنوب غرب محافظة السويداء هي المسافة التي قطعناها انطلاقاً من مركز مدينة السويداء للوصول إلى "عرى"، القرية التي تعد من أكبر قرى المحافظة حيث تبلغ مساحتها حسب الحد الإداري 7000 هكتاراً، وتقسم أرضها الزراعية إلى قسمين: قسم من الجهة الشرقية يزرع بأشجار الزيتون والكرمة، وهو نهاية المنطقة الجبلية من الجهة الغربية، وقسم آخر من الجهة الغربية يعد امتداداً لسهل حوران، ويزرع بالمحاصيل الحقلية من قمح وحمص وشعير.

ويتبع للقرية ثلاثة تلال: أولها تل "الحصن" البركاني، ويقع وسط البلدة وعلى سفوحه تمتد "عرى" القديمة، والثاني "تل الحبس" ويقع في الجهة الجنوبية، أما التل الثالث فهو "تل الهش" ويقع في الجهة الشرقية وهو مخروط بركاني، كما تضم القرية ثلاثة ينابيع: نبع "درارق"، ونبع "سمر"، ونبع "عرى".

وتتميز القرية بنهضتها التعليمية حيث افتتحت أول مدرسة حكومية فيها عام 1923 وتبلورت حالتها النهضوية والثقافية المبكرة عندما أسس فيها "النادي الأدبي" عام 1942، الذي استمر لأربع سنوات حيث كانت تلقى فيه المحاضرات وتعقد الندوات، واليوم غالبية أبنائها من حملة الشهادات العلمية العالية، فيعتمد قسم كبير من سكانها على الوظائف الحكومية إضافة إلى العمل الزراعي والتجارة حيث يوجد فيها عدد كبير من المحال التجارية وبرادات تخزين الفواكه والمصانع القائمة وقيد الإنشاء، والصناعات الإسمنتية.

وفيما يخص البنى التحتية، تخدم البلدة شبكة طرق معبدة وشبكة صرف صحي مع تخديم الطرق بالإنارة، وشبكة هاتف رئيسة وفرعية أرضية، إضافة إلى أكثر من مسبح ومنتزه وصالة للأفراح.

وتحتوي "عرى" على منشآت حكومية كالبلدية، والمخفر، والمركز الصحي، وقسم المياه، ومركز البريد، والنادي الرياضي، والمركز الثقافي، ومعمل السجاد اليدوي، ومنشأة الشبيبة، و جمعية لحماية البيئة وجمعية فلاحية، ووحدة إرشادية، ومدرسة ثانوية عامة وفنية، وأربع مدارس تعليم أساسي، وشعبة للهلال الأحمر، وروضتي أطفال، فيما تشهد الحركة العمرانية ازدياداً واسعاً وتغيراً في نمط البناء حيث بدأت تنتشر الأبنية الطابقية في القرية.

ومن ناحية أخرى فللتاريخ مكانٌ هام ضمن تفاصيل القرية "عرى" فهي إحدى أهم الطرق في جبل العرب قديماً التي كانت تصل بين بصرى والسويداء وقنوات وفيها بقايا آثار ذات دلالة منها سور قديم وكنيسة يعودان إلى العصر الروماني، إضافةً إلى دار عرى الأثرية أو منزل الأمير "حسن الأطرش" التي بنيت عام 1886، ومنحوتات وعناصر زخرفية من بيوت قديمة مازالت شاهدة على عظمة البناء وقدرة الإنسان على الإبداع والتميز كما تحيط بها بعض الخرب القديمة التي كانت حواضر عامرة في العهد الإسلامي ومنها خربة غوثا فيما يوجد في شمال القرية قلعة بنيت عام 1879 ولم يبق منها إلا أطلال قليلة، إضافة لحصن قديم في المرتفع الذي بنيت "عرى" القديمة فوقه.

بين عراقة الماضي وحضارة اليوم تشمخ قرية "عرى" متعالية عن المعنى التقليدي لكلمة قرية وعلى بساطة تفاصيلها المعهودة لتقدم نموذجاً حضارياً يجمع بين الرؤية البصرية للمدينة والطبيعة الاجتماعية والعددية لسكان القرى، في خانة الجمالية العذبة لطبيعتها الخلابة.