2022 Jun 10

محصول القمح مسألة أخطر بكثير من أن تُترك لسماسرة الحرب ..

الساعة_25:نضال فضة

رسميا يتم شراء كيلو القمح من الفلاح بــ2000 ليرة , و رسميا يتم بيع كيلو البرغل بــ6000 آلاف ليرة .. منذ متى كانت تكلفة صناعة البرغل تعادل ثلاثة أضعاف إنتاج القمح .. هي فرصة جديدة للتجار للعبث بمحصول القمح وتهريبه من الحقول ومن ثم احتكاره تمهيدا للتحكم بأسعار منتجاته في السوق .. على الدولة أن تسبقهم إلى المحصول وووو..

هذا من حوار بين رفاق طريق في وسيلة نقل عامة يبدو أن أحدهما مزارع والآخر موظف متقاعد.. حوار أنصت اليه معظم الركاب , وكم تمنيت حينها لو أن أعضاء الفريق الاقتصادي الحكومي هم باقي الركاب علّهم يدركون حقيقة وعي الشارع .. علّهم يدركون أن مسألة القمح مسألة أخطر بكثير من أن تكون بيد أشخاص لا تشكل لديهم الأمور غير المنطقية عقبة .. يدركون أنه من الخطير وضع القرارات بيد أشخاص لا يدفعون ثمن أخطائهم .

ربما لم أكن لأكتب عن هذا الأمر لولا تزامن هذا الحديث مع عمليات حصاد الحبوب ومع عدد من التقارير العالمية التي تؤكد أن العالم مقبل على معركة سياسية اقتصادية عالمية وجهتها القمح .. معركة تحتاج منا محلياً الاستعداد و التحرك السريع والمراقبة الواسعة والمضبوطة لعمليات الحصاد ومقارنة كميات الإنتاج مع الكميات المُسلّمة للدولة أو المُباعة للتجار أو المخبأة ومعرفة الأسباب وتداركها بأي ثمن كان قبل فوات الأوان .. معركة تحتاج منا عمل المستحيل لإدخال أكبر كمية ممكنة من الإنتاج إلى صوامع الدولة .

أعلم أن العملية تحتاج إلى جهود كبيرة ومبالغ قد يكون ليس من السهل تأمينها, لكن عند المقارنة بين جدوى استجرار كامل المحصول وبين ابتزاز التجار والسوق العالمية ومخاوف فقدان الرغيف سندرك الفرق.. سندرك أن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل أن نخترعه.

لاشك أن الدولة تصرفت بشكل صحيح عندما رفعت سعر كيلو القمح إلى ألفي ليرة أو أكثر في بعض المناطق , ولا شك أن هذا السعر مقبول باعتبار السعر العالمي لطن القمح وصل إلى 425 دولاراً أي نحو 7را مليون ليرة أي 1700 ليرة للكيلو الواحد .

لكن لاشك أيضاً أن لدينا مشكلة كبيرة في حلقات ما بعد شراء القمح من الفلاح أو استيراده .. مشكلة في الفارق الكبير بين سعر المادة الأساسية ومشتقاتها لاسيما البرغل والمعكرونة والطحين وجميع منتجات المعجنات.. مشكلة مع علف الثروة الحيوانية التي انعكست بشكل كبير على أسعار اللحوم والحليب ومشتقاته .

هذا الفارق الكبير في السعر وتوترات الأسواق الدولية ستكون دافعاً قوياً للتجار للتحرك وإغراء الفلاح بسعر أعلى من أسعار الدولة واستجرار أكبر كمية ممكنة من إنتاج القمح ,فمن يمتلك القمح يمتلك نصف السوق ويستطيع التحكم بالأسعار كما يشاء , وربما تصبح الأسعار الحالية لمشتقات القمح مطلباً جماهيرياً مقارنة بالأسعار المحتملة القادمة .

وهنا أعتقد أنه من الضرورة أن تعمل الحكومة بعقلية التاجر والتحرك السريع لسد الطريق على تجار الحرب ولصوص السوق , فالأزمة علمتنا أن هؤلاء التجار بلا ضمير أو أخلاق ولا يمكن الوثوق بهم أو التعويل عليهم لافي الحرب ولا في السلم , علمتنا أنه من الغباء انتظار الأشياء التي لن تأتي أبداً .. علمتنا أن القمح والعمل الصالح لا ينبتان إلا في أرض طيبة .

يقول محمود درويش .. أنا الارض .. يا أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها احرثوا جسدي .. يا أيها الذاهبون إلى جبل النار مرّوا على جسدي. .